منوعات
46 ورقة خضراء
كنتُ وما زلتُ كلما رأيتُ ورق الشجر الأصفر شبه الهش ملقاً يطير هنا وهناك أشعر بالأسى على اللوحة الطبيعية الخضراء، التي كانت متماسكة لما يطوحها الهواء، وكنتُ وما أزال أشعر بفيض الآسى لما تستجيب الأوراق للون الأصفر يسحب منها روح الحياة، وفي مرحلة التعليم الوسطى ..بداية من الإعدادية حتى الثانوية، كنتُ ولا أخفي على نفسي أو أحد سرّاً، أرقب الاعتياد في الحياة، فمن البداية: الصيف حيث خفيف الملابس وازدياد درجات الحرارة حتى تقارب الغليان، واليوم الذي قيل فيه في عهد الرئيس الراحل السادات أن الحرارة ستبلغ 49 درجة، دفعة واحدة، يومها نزلتُ إلى السوق، وأظنني كنتُ في السابعة من العمر، رأيتُ بائع الخضار فوق عربته الخشبية يحرص على أن يجفف بكم جلبابه جبينه، فيما ثمار الطماطم أمامه تقارب النضج، وبائعة الخضار الشابة الأرملة تصرخ بامرأة كبيرة:
ـ لا تزيدي في الفصال اليوم الحرارة لا تطاق!
أما سائقو عربات الحنطور فألهبو جبين "المتشعبطين" بالخلفية منه، وهي عادة يعرفها أبناء الجنوب جيداً، إذ إن هناك إطاران حديدان يمكنك الجلوس، إذا كنت طفلاً على إحداهما والتمسك بالأخرى على أن يكون وضعك مائلاً بزاوية، أما "السائق" فإنه يشعر بك كلما وشى بك واشٍ صائحاً:
ـ كرباج ورا يا أسطى .. واحد "متشعبط"!
عندها يجب عليك أن تقوم بسرعة "تفز" مغادراً التوصيلة المجانية جارياً وإلا فإن الطرف المفتول من "الكرباج" لن يرحمك ..
لم أكن أعرف في صيف أيام الصبا إن الحكومات تمعن في الكذب، واليوم ليس ممعناً في كسر اعتياد الصيف بحرارة خاصة، وإن نظام "السادات" أراد اشتغال الناس فأعلن عن درجة حرارة تقارب الخمسين، وكم من أيام علتْ درجة الحرارة الخمسين ولن تعلن الدرجة الحقيقية؟!
أما لسعات "الحوذي"، سائقو الحناطير، فإنه أهون بكثير من "ترهات" و"إفساد" بشر بلا ضمير كلما رأوك تقترب من علياء تقصر دونها أقدامهم، كانت تلك "القسطرات" الصغرى التي تذهب بحبة الصبر لا تضني في الصغر، بل تؤلم بعض الشىء ومؤخراً لما "فعلها" أحدهم في "روضة" كان صاحب ضمير ينوي تطهيرها، فلما أحس موتور بثقل خطواته في المحاولة .. ذهب بالحديقة إلى طريق الأنظمة العربية الحالية..وإن بقي بيت الشعر:
وأكره التساير في روضة .. إن لم يكن خطوي في الأول
تلك حديقة حياة ما تعلمتُ التفرد إلا لأسباب منها إنه يغنيك عن عدد صعب حصره من البشر، وبعد أن ذقتُ من مرارات قلوب البشر لما يعتادوا إحداث الألم بقلب روحك، وتعتاد التسامح، كان الربيع يأتي قرب نهاية العام الدراسي، أشعر بدبيبه في حنايا النفس، وبإن العروق والمسام تولد من جديد، لله در صديق أبي الذي قال لي بُعيد وفاته:
ـ يا بني لا أريد إحزانك وإنما كلنا خريف تقدم العمر بنا وأنت ربيع تتقدم في العمر فلا تحزن كثيراً من أجل خريف مضى عنك!
لم يعرف الرجل ماذا فعل بي!
حتى عام امتحان الثانوية العامة كنتُ أدور في شوارع مدينتي، بني مزار، متلصصاً على كل الزملاء ممن وقفوا مكان آبائهم في دكاكين العطارة والنجارة والمكتبات، أقول لهم في نظرات عين صامتة:
ـ هل قبلتم أن يجىء ربيعكم على حساب آبائكم؟!
ذات مرة صيفية ذهبتُ بكتاب جديد في شرح المادة، فلسفة ومنطق، إلى مقهى، هم .. هم، أحد أصخب مقاهي المدينة لاستذكر، تعجب احد الرواد من كبار السن، وقال:
ـ يا بني .. كيف تركز؟!
لم أجبه ولم تكن اللغة تعينني على القول له بإن ما بداخلي أكبر بكثير من الوقوف لدى صخب المقهى، في قلب كل ثنية في الروح استصعاب للربيع على حساب الخريف، عند أبواب المقهى استمعت إلى الفنانة الراحلة التي كانت تقول:
ـ الدنيا ربيع والجو بديع!
وسآلتُ نفسي ألم يَمتْ لها أحد فتفهم إن ربيع الدنيا صعب أن يجيء على حساب أحباب راحلين؟
في الصيف كنت أسكن النادي الرياضي من بلدتنا بروحي لإني كنتً أشعر إن رواده سعداء، أفراح وصخب وفرق من المنيا العاصمة الأقرب، وكلمات زميلة عابرة خيّل إليّ أني لم أعرفها من قبل:
ـ يعز علي أن أراك حزيناً طوال الوقت..!
كانت نسمة صيف لكن في جهنم والعياذ بالله ..
أحلام التطلع، المرور أسفل بيوت تغلق النوافذ جيداً، الحلم بمملكة صغيرة، تغلق نوافذها على محبة مُضنية، رائحة المبيد الحشري كانت تشعرني بالأمان أكثر، هؤلاء يطردون كل غريب، وكل مندس من حياتهم!
وكل خريف كنتُ أرى الأوراق يطيح بها النسيم وفيما تستجيب كنتُ أزداد معرفة في التوغل، ذات يوم قريب سوف تطيح الطرقات بعمري كله و.. استجيب!
فصول العام كُونتْ حياة من نوع خاص بالداخل، أتذكر تفاصيلاً صغرى من حياة كنتُ "هناك" فيها، اصطليتُ بنارها، القومية الابتدائية الخاصة، من الخامسة حتى التاسعة من العمر: البراءة مذابة في فنجان لبن لا تمسه ريبة، زملاء وزميلات تفتحت الحياة على أيدينا، وكنا، فيما أحسب نهاية جيل من المحترمين الأنقياء التلاميذ، التحرير الابتدائية العامة، من السنة العاشرة حتى الحادية عشرة الذهول لرؤية الحياة من طرف مقارب للحقيقة، المعلمون لا يرحمون، الزملاء يتزلزلون تحت ضرباتهم وقاسي تدابير الحياة بهم، رأيتُ زميلاً يُضربُ حتى ليمسح بلاط الفصل بمقعدته لإنه أخطا خطأ لم يفهمه، وآخر كان يسميه المعلم باسم حيوان مستكين، وثالث لم تكن همته سوى إرضاء المعلمين، ورابع واثق بنفسه برغم إن أسرته كانت تبيع لنا السندويتشات في الطريق، تفلتْ منا الكثيرون بسبب "رعونة" المعلمين، أما الإعدادية الأميرية فكانت الحياة في صورة صخبها الأول، زميل يسرق بعد الظهر، وآخرون مغيبون عن الحياة، ودروس خصوصية .. وبشر بلا ضمير، وآخرون بالغو الحياء لكن مُنسحبين، وآخرون على استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل المبادىء ..
بني مزار الثانوية بنين صورة لتداخل الحياة كبركان ثائر بين يديّ ملاح ينتظر سكون الحياة ليبحر، كل زميل في ناحية، والنقاشات، وفي الصف الأخير عرفتُ الركون إلى الصمت لتنتهي تلك المرحلة إلى غير رجعة..
أما في الجامعة فقد كانت الحياة تبدأ خريفها من جديد، أحببت واتفقت مع المئات، ولكني خفتُ ممن يوهمونني إن الربيع قد يجيء في قلب الخريف، وفي العام الأخير عرفت إن اختيار الله أفضل، وإنني ينبغي أن أنهي مرحلة التعليم نهاية مشرفة، وإن يظل موضع الروح شاغراً.. وكانت أكثر من روح تحاول شغله ..
وجاءت الوظيفة 6 سنوات تاخر فيها مجىء الحياة كثيراً، ثم جاءت فترة العمل بالتلفزيون أحب فترات الاتساق مع الحياة لولا واشِ.. أفسد، بإذن الله، فترة ظننتُها تطول، وكنتُ قد بدأتُ اتخاذ خطوات عملية نحو نافذة تغلق "يُرشُ" خلفها مبيد، فعدتُ القهقرى إلى العمل الحر رافضاً العودة إلى الوظيفة الحكومية، ومرتضياً الخطوات التي قادها العقل نحو البيت والاستقرار ثم جاء السفر ليثبت الصورة في بؤبؤ الروح .. لا خير في كثير من "نجوى" الناس إلا مارحم ربي ..
أما آمال وآلام الثورة فقد علمتني مصداق قول الشاعر:
تقفون والفلك الدائر مسخر .. وتقدرون وتضحك الأقدار
الانحياز إلى أقرب الفريقين إلى الحق والسفر من جديد، ومحاولة ترتيب بيت التيّه، وتأثير ذلك على مجمل الحياة وحلم قديم بنجاح اختيار القلب .. زلزله واشٍ جديد ثبت في دعائم الروح قبل القلب قول الشاعر:
وأكره التساير في روضة .. إن لم يكن خطوي في الأول
أما جوهر ما تعلمتُه إن البشر نادراً ما يصفون، وإن الحلم ليس معانقاً للحقيقة، وإن أكثر الناس اقترافاً للأخطاء.. أكثرهم تمثيلاً ولبساً لثياب البراءة، وإنهم ما يرتدون ثياب النصابين إلا لإننا نتوهم فيهم!
بقي إن الحياة كلها ورقة الخريف العالية الآن على فرع الشجرة إن سقطتْ فارقتُ الحياة .. أجمل ما تعلمتُه منها إن اختيار الله دائماً الأفضل، فما أحببتُ درباً ورتبتُ للمسير فيه إلا وأخذني الله بعيداً لدرب آخر وجدت التوفيق والنجاح فيه ..
أما لماذا رويتُ كل هذا الآن .. فذلك لإن الورقة السادسة والأربعين من "خريفي" قد سقطتْ اليوم . . وحملها الهواء خفيفة إلى حيث لا أدري.. ولدهشتي فإنها ما "صدقتْ" أن غادرتني .. وطارتْ حتى بعيد!
ـ لا تزيدي في الفصال اليوم الحرارة لا تطاق!
أما سائقو عربات الحنطور فألهبو جبين "المتشعبطين" بالخلفية منه، وهي عادة يعرفها أبناء الجنوب جيداً، إذ إن هناك إطاران حديدان يمكنك الجلوس، إذا كنت طفلاً على إحداهما والتمسك بالأخرى على أن يكون وضعك مائلاً بزاوية، أما "السائق" فإنه يشعر بك كلما وشى بك واشٍ صائحاً:
ـ كرباج ورا يا أسطى .. واحد "متشعبط"!
عندها يجب عليك أن تقوم بسرعة "تفز" مغادراً التوصيلة المجانية جارياً وإلا فإن الطرف المفتول من "الكرباج" لن يرحمك ..
لم أكن أعرف في صيف أيام الصبا إن الحكومات تمعن في الكذب، واليوم ليس ممعناً في كسر اعتياد الصيف بحرارة خاصة، وإن نظام "السادات" أراد اشتغال الناس فأعلن عن درجة حرارة تقارب الخمسين، وكم من أيام علتْ درجة الحرارة الخمسين ولن تعلن الدرجة الحقيقية؟!
أما لسعات "الحوذي"، سائقو الحناطير، فإنه أهون بكثير من "ترهات" و"إفساد" بشر بلا ضمير كلما رأوك تقترب من علياء تقصر دونها أقدامهم، كانت تلك "القسطرات" الصغرى التي تذهب بحبة الصبر لا تضني في الصغر، بل تؤلم بعض الشىء ومؤخراً لما "فعلها" أحدهم في "روضة" كان صاحب ضمير ينوي تطهيرها، فلما أحس موتور بثقل خطواته في المحاولة .. ذهب بالحديقة إلى طريق الأنظمة العربية الحالية..وإن بقي بيت الشعر:
وأكره التساير في روضة .. إن لم يكن خطوي في الأول
تلك حديقة حياة ما تعلمتُ التفرد إلا لأسباب منها إنه يغنيك عن عدد صعب حصره من البشر، وبعد أن ذقتُ من مرارات قلوب البشر لما يعتادوا إحداث الألم بقلب روحك، وتعتاد التسامح، كان الربيع يأتي قرب نهاية العام الدراسي، أشعر بدبيبه في حنايا النفس، وبإن العروق والمسام تولد من جديد، لله در صديق أبي الذي قال لي بُعيد وفاته:
ـ يا بني لا أريد إحزانك وإنما كلنا خريف تقدم العمر بنا وأنت ربيع تتقدم في العمر فلا تحزن كثيراً من أجل خريف مضى عنك!
لم يعرف الرجل ماذا فعل بي!
حتى عام امتحان الثانوية العامة كنتُ أدور في شوارع مدينتي، بني مزار، متلصصاً على كل الزملاء ممن وقفوا مكان آبائهم في دكاكين العطارة والنجارة والمكتبات، أقول لهم في نظرات عين صامتة:
ـ هل قبلتم أن يجىء ربيعكم على حساب آبائكم؟!
ذات مرة صيفية ذهبتُ بكتاب جديد في شرح المادة، فلسفة ومنطق، إلى مقهى، هم .. هم، أحد أصخب مقاهي المدينة لاستذكر، تعجب احد الرواد من كبار السن، وقال:
ـ يا بني .. كيف تركز؟!
لم أجبه ولم تكن اللغة تعينني على القول له بإن ما بداخلي أكبر بكثير من الوقوف لدى صخب المقهى، في قلب كل ثنية في الروح استصعاب للربيع على حساب الخريف، عند أبواب المقهى استمعت إلى الفنانة الراحلة التي كانت تقول:
ـ الدنيا ربيع والجو بديع!
وسآلتُ نفسي ألم يَمتْ لها أحد فتفهم إن ربيع الدنيا صعب أن يجيء على حساب أحباب راحلين؟
في الصيف كنت أسكن النادي الرياضي من بلدتنا بروحي لإني كنتً أشعر إن رواده سعداء، أفراح وصخب وفرق من المنيا العاصمة الأقرب، وكلمات زميلة عابرة خيّل إليّ أني لم أعرفها من قبل:
ـ يعز علي أن أراك حزيناً طوال الوقت..!
كانت نسمة صيف لكن في جهنم والعياذ بالله ..
أحلام التطلع، المرور أسفل بيوت تغلق النوافذ جيداً، الحلم بمملكة صغيرة، تغلق نوافذها على محبة مُضنية، رائحة المبيد الحشري كانت تشعرني بالأمان أكثر، هؤلاء يطردون كل غريب، وكل مندس من حياتهم!
وكل خريف كنتُ أرى الأوراق يطيح بها النسيم وفيما تستجيب كنتُ أزداد معرفة في التوغل، ذات يوم قريب سوف تطيح الطرقات بعمري كله و.. استجيب!
فصول العام كُونتْ حياة من نوع خاص بالداخل، أتذكر تفاصيلاً صغرى من حياة كنتُ "هناك" فيها، اصطليتُ بنارها، القومية الابتدائية الخاصة، من الخامسة حتى التاسعة من العمر: البراءة مذابة في فنجان لبن لا تمسه ريبة، زملاء وزميلات تفتحت الحياة على أيدينا، وكنا، فيما أحسب نهاية جيل من المحترمين الأنقياء التلاميذ، التحرير الابتدائية العامة، من السنة العاشرة حتى الحادية عشرة الذهول لرؤية الحياة من طرف مقارب للحقيقة، المعلمون لا يرحمون، الزملاء يتزلزلون تحت ضرباتهم وقاسي تدابير الحياة بهم، رأيتُ زميلاً يُضربُ حتى ليمسح بلاط الفصل بمقعدته لإنه أخطا خطأ لم يفهمه، وآخر كان يسميه المعلم باسم حيوان مستكين، وثالث لم تكن همته سوى إرضاء المعلمين، ورابع واثق بنفسه برغم إن أسرته كانت تبيع لنا السندويتشات في الطريق، تفلتْ منا الكثيرون بسبب "رعونة" المعلمين، أما الإعدادية الأميرية فكانت الحياة في صورة صخبها الأول، زميل يسرق بعد الظهر، وآخرون مغيبون عن الحياة، ودروس خصوصية .. وبشر بلا ضمير، وآخرون بالغو الحياء لكن مُنسحبين، وآخرون على استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل المبادىء ..
بني مزار الثانوية بنين صورة لتداخل الحياة كبركان ثائر بين يديّ ملاح ينتظر سكون الحياة ليبحر، كل زميل في ناحية، والنقاشات، وفي الصف الأخير عرفتُ الركون إلى الصمت لتنتهي تلك المرحلة إلى غير رجعة..
أما في الجامعة فقد كانت الحياة تبدأ خريفها من جديد، أحببت واتفقت مع المئات، ولكني خفتُ ممن يوهمونني إن الربيع قد يجيء في قلب الخريف، وفي العام الأخير عرفت إن اختيار الله أفضل، وإنني ينبغي أن أنهي مرحلة التعليم نهاية مشرفة، وإن يظل موضع الروح شاغراً.. وكانت أكثر من روح تحاول شغله ..
وجاءت الوظيفة 6 سنوات تاخر فيها مجىء الحياة كثيراً، ثم جاءت فترة العمل بالتلفزيون أحب فترات الاتساق مع الحياة لولا واشِ.. أفسد، بإذن الله، فترة ظننتُها تطول، وكنتُ قد بدأتُ اتخاذ خطوات عملية نحو نافذة تغلق "يُرشُ" خلفها مبيد، فعدتُ القهقرى إلى العمل الحر رافضاً العودة إلى الوظيفة الحكومية، ومرتضياً الخطوات التي قادها العقل نحو البيت والاستقرار ثم جاء السفر ليثبت الصورة في بؤبؤ الروح .. لا خير في كثير من "نجوى" الناس إلا مارحم ربي ..
أما آمال وآلام الثورة فقد علمتني مصداق قول الشاعر:
تقفون والفلك الدائر مسخر .. وتقدرون وتضحك الأقدار
الانحياز إلى أقرب الفريقين إلى الحق والسفر من جديد، ومحاولة ترتيب بيت التيّه، وتأثير ذلك على مجمل الحياة وحلم قديم بنجاح اختيار القلب .. زلزله واشٍ جديد ثبت في دعائم الروح قبل القلب قول الشاعر:
وأكره التساير في روضة .. إن لم يكن خطوي في الأول
أما جوهر ما تعلمتُه إن البشر نادراً ما يصفون، وإن الحلم ليس معانقاً للحقيقة، وإن أكثر الناس اقترافاً للأخطاء.. أكثرهم تمثيلاً ولبساً لثياب البراءة، وإنهم ما يرتدون ثياب النصابين إلا لإننا نتوهم فيهم!
بقي إن الحياة كلها ورقة الخريف العالية الآن على فرع الشجرة إن سقطتْ فارقتُ الحياة .. أجمل ما تعلمتُه منها إن اختيار الله دائماً الأفضل، فما أحببتُ درباً ورتبتُ للمسير فيه إلا وأخذني الله بعيداً لدرب آخر وجدت التوفيق والنجاح فيه ..
أما لماذا رويتُ كل هذا الآن .. فذلك لإن الورقة السادسة والأربعين من "خريفي" قد سقطتْ اليوم . . وحملها الهواء خفيفة إلى حيث لا أدري.. ولدهشتي فإنها ما "صدقتْ" أن غادرتني .. وطارتْ حتى بعيد!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق